الحملة الانتخابية (الدعاية الانتخابية))
)Campagne electoralPolitical Campaign(
د.ضياء عبدالله عبود الجابر الاسدي
جامعة كربلاء/ كلية القانون
تعد الحملة أو الدعاية الانتخابية أهم الإجراءات الممهدة للمشاركة في العملية الانتخابية باعتبارها وسيلة تعريف المواطنين بالمرشحين وبرامجهم السياسية، فخلال هذه الفترة يعمل المرشح أو الحزب على إبراز مزاياه أو أفضاله من اجل الحصول على أصوات الناخبين للفوز بالمنصب المرشح له، وهو الهدف المنشود([1])، لذلك تعمد الدول على تضمين تشريعاتها النصوص التي تكفل تحقيق مبادئ المساواة في الدعاية بين جميع المرشحين، وحياد السلطة الإدارية، ومشروعية الوسائل المستخدمة في الدعاية الانتخابية.
وتُعرف الحملة أو الدعاية الانتخابية بأنها : ((محاولة التأثير في الجماهير عن طريق عواطفهم ومشاعرهم والسيطرة على سلوكهم لتحقيق أهداف معينة قد تكون سليمة أو غير سليمة أو ذات قيمة مشكوك فيها مع التضحية بكل شيء في سبيل إنجاحها)) ، وعـّرفها آخرون بأنها : ((ممارسة مجموعة من الضغوط على إرادة المواطنين الحرة من اجل إقناعهم بإتباع موقف معين دون أن يؤدي ذلك إلى سلب الإرادة الخاصة لهؤلاء المواطنين)). وُعرفت أيضاً بأنها :(( الأنشطة الاتصالية المباشرة وغير المباشرة التي يمارسها مرشح أو حزب بصدد حالة انتخابية معينة، بهدف تحقيق الفوز بالانتخاب عن طريق الحصول على اكبر عدد ممكن من أصوات الهيأة الانتخابية)) ، أو هي ((الإطار الدعائي الشامل “المخطط والمركب” الذي يتكون من سلسلة متصلة ومتناسقة من وسائل وأساليب الاتصال الانتخابية التي من شانها استمالة اكبر عدد من الناخبين، ومقاومة الدعايات المنافسة للمرشحين الآخرين وذلك بهدف الحصول على أصواتهم الانتخابية))، وُعرفت بأنها ((مجموعة الوسائل والأساليب التي يستخدمها المرشح أو الحزب الذي ينتمي إليه لتعريف المشاركين في الانتخاب بالمرشح وبرنامجه أو برامجه الانتخابية، وقد يتضمن سيرته الذاتية وكل ما منشأنه استمالتهم لجانبه والامتناع بمقدرته على تمثيلهم)). .
وقد أوردت بعض التشريعات الانتخابية تعريفاً للحملة الانتخابية أو الدعاية الانتخابية ([2])، ومنها تشريعنا الانتخابي ،فقد عرفتها الفقرة(4) من( القسم الأول/ من نظام الحملات الانتخابية لانتخابات مجلس النواب العراقي رقم(19) لسنة 2010 والصادر عن المفوضية العليا المستقلة للانتخابات بأنها((حملة الإعلام والإقناع المشروعة التي يديرها كيان سياسي أو ائتلاف أو مرشح لإقناع الناخبين للإدلاء بأصواتهم لصالحه)). ولنا بعض الملاحظات على التعريف إعلان، فمن ناحية وقع المشرع في تكرار عند استخدامه لمصطلح (الإقناع)،فكان الأولى رفع المصطلح الأول، والإبقاء على الثاني حتى يأتـي المعنى منسجم ومتناسق،وبالتالي يكون التعريف أكثر دقة،ومن ناحية ثانية كرر المشرع استخدام مصطلحات (كيان سياسي،ائتلاف،مرشح)،وكان الأفضل الاقتصار على أحدها كونه الأكثر شمولية وهو مصطلح( المرشح). ،لاسيما وان نظام تصديق المرشحين رقم(17) لسنة 2009 قد أورد تعريفاً للمرشح في المادة(6/القسم الأول) بأنه ((كل من تم قبول ترشيحه لعضوية مجلس النواب العراقي 2010)) . .
لما تقدم نرى ضرورة أعادة النظر في التعريف الوارد للحملة الانتخابية ،ونقترح أن تكون صياغته على الشكل الأتي ((الحملة الانتخابية:هي حملة الإعلام المشروعة التي يديرها المرشح لإقناع الناخبين للإدلاء بأصواته. ومهما تعددت تعريفات الدعاية الانتخابية فإنها تهدف إلى تحقيق أمرين: الأول، إظهار المرشح وتحسين صورته أمام هيأة الناخبين، والثاني طرح البرنامج الانتخابي وجعله المنفذ الوحيد لحل مشاكل الناخبين كل ذلك بهدف كسب الأصوات . .
إن استخدام الحملة الانتخابية (الدعاية الانتخابية) من قبل المرشحين يمكن أن ينطوي على مخالفات قانونية تؤثر على نتائج الانتخاب، بعضها يتعلق بتنظيم الحملة (الدعاية)، كالمساواة في استخدام وسائل هذه الحملة (الدعاية)، أو تجاوز الأوقات المحددة لها، أو عدم الالتزام باستخدام الأماكن المخصصة للحملة( للدعاية)، ومنها ما يتعلق بالتمويل المالي للحملة كتجاوز حدود الإنفاق المسموح بها، وتلقي الدعم من جهات محظورة، وعدم وجود حساب مصرفي أو كشوفات توضح حجم النفقات والإيرادات. والبعض الآخر يتعلق بموضوع الحملة كنشر أو إذاعة الأخبار الكاذبة حول الانتخاب أو احد المرشحين، وإثارة النعرات الطائفية والقومية والعنصرية، أو تعريض وحدة البلاد وسلامة أراضيه للخطر. عليه لابد أن تحاط الحملة أو الدعاية الانتخابية بسور من القيود، لتوفير اكبر قدر من الضمانات، سواء للمرشح نفسه أو لمنافسيه من المرشحين الآخرين، وتضمن هذه القيود سلامة العملية الانتخابية ونزاهتها وتحقيق اكبر قدر من المساواة بين المرشحين، وهذا الأمر يتم من خلال تجريم الأفعال غير المشروعة التي تشكل خروجاً على المبادئ الحاكمة للحملة أو الدعاية الانتخابية من مساواة، وحياد، ونزاهة ومشروعية، وهو ما سارت عليه التشريعات الانتخابية. .